جوف الروح

 

.
جوف الروح، هناك أين ينتهى الشعور في أسفل الخراب البشري والعمق الإنساني، عندما يقضم منك الليل روحك البالية، وتنفرد بك أشباح الأشياء في قاع السافلين، نحن المسافرين داخل مضيق ونفق النظر والفكر الذي لا يمتد ولا يحده مد القمر الليلي، فلا سماء لنا ولا لهم، غير جدران من التأمل ومن البشر وماضي يزاحم الأرق.
عندما يطوف بنا الشعور طوف الحجاج ببيت ربهم الأزلي، يطوف بنا الفراغ لنسقط واقفين، فما رأيك في أن تكون إنسان بدون إحساس، مثل كرسي المقهى المكسور، أو منضدة سجائر تطفئ على صدرك هموم الحياة، أو ورقة نقدية يتناقلها البشر هناك في أطراف المعمورة لتكون ذا قيمة لهم ولا قيمة لك غير أنك مجرد ورقة، مجرد وجود بلا كيان.
  
هنا يا صديقي بين مقصلة الليل ومسكن الأرواح التائهة، عندما يسكُن الطير عشه والزوجة فراش زوجها والسجين زنزانته والميت قبره، أنزل أنا ومن معي من المرابضين إلي قبو الحياة، هناك العالم الزمكاني لنا أين نجد كل الزمان وكل المكان في حوض من الحبر نسميه الفراغ اللامتناهي.
لن تزيدك هذه الكلمات لك غير إزداحم في إكتضاض تفكيرك وعقلك ولن تفيدك بشئ قد يبهحك أو يسند ميل كتفك، ولن يفيدني نشره لك أو طرحها لك بأي شئ، لكن فكر وأضرم سيجارة الأبعاد وأملئ كأسنا يا ساقي المنطق وأنطق لنا بما في الوجود واللاوجود من معنى.